أثير – مـحـمـد الـعـريـمـي

لم يكن يملك المال الكافي ولا الأدوات الكاملة لإنجاز فكرة إنشاء متحف راودته منذ أن كان في العاشرة من عمره، لكن تلك العقبات كانت المحرك لطاقته للبحث عن الحلول، والشغف الذي وُلد بداخله منذ صغره حرّكه باتجاه إنجاز ما أراد له بفكرة وُلدت من رحم الحاجة.

حديثنا عن المواطن جابر بن مبارك العبري من سُكّان ولاية الحمراء الذي أنشأ متحفًا رُمِمَ بيديه وبخلطة طينية من صُنعه وهو ما فتح له أبوابًا كثيرة جعلته يُرمِم أكثر من 50 مبنى قديمًا.

أوضح العبري في بداية حديثه لـ “أثير” بأن بدايته كانت في عمر مبكرة حيث كان والده يهوى الأسلحة العُمانية القديمة ورؤيته لتلك الأسلحة واهتمام والده واعتناؤه يوميًا بها وجّهته إلى هذه الهواية وهو في العاشرة من عمره، ومن هنا بدأ بتجميع المقتنيات التراثية والاحتفاظ بها، ولديه الآن مجموعة من التحف المميزة والنادرة ويعمل في ترميم المبانِي الطينية كما أن لديه مشاريع ترميم نزل تراثية في عدة محافظات.

وأوضح العبري بأن الترميم عمل مكمّل لهواية جمع المقتنيات فعندما راودته فكرة إنشاء متحف أخذ بيت أحد إخوته وكان بحاجة إلى الترميم إلا أنه لم يكن يملك المال الكافي لصيانة البيت ولا يوجد تواصل في تلك الفترة مع شركات ترميم يمكن الاستعانة بها أو أخذ معلومات منها، فبدأ باستقاء بعض المعلومات من كبار السن إلى أن أكمل صيانة البيت وبعد ذلك بدأ اهتمامه بالعمارة العُمانية وبدأ الناس يطلبون منه ترميم منازلهم التي لم تتعرض لأضرار كبيرة، وكان يشارك ببعض المجسمات الطينية التي عملها في المدارس ودوائر البلديات وبعض المهرجانات.

واجهت العبري عدة صعوبات أبرزها عدم توفر الصاروج العُماني وارتفاع أسعاره أو الطين الحر الذي لا يقاوم عوامل التعرية ولا يمكن إنجاز عمل مستدام منه، فتغلب على تلك العقبات بفكرة “وُلدت من رحم الحاجة” حيث تمكّن بعد تجارب عديدة من صُنع خلطة طينية للترميم مطابقة لمواصفات بيوت الطين ومقاومة لعوامل التعرية وتكون متوفرة بسعر مناسب، مؤكدًا العبري بأن الصعوبات المادية ساعدته في البحث عن بدائل من البيئة العمانية وقد نجح في ذلك فـ “ربّ ضارّة نافعة”.

سألنا العبري عن تغلبه على الفشل في البداية، فأجابنا بأنه لا يعترف بالفشل، وعدَّ كل محاولة عبارة عن إنتاج أفكار وتعلم طرق وسبل جديدة أصبحت رصيد معرفة في فترات لاحقة من مشواره، وبعد مرور هذه الأعوام يرى العبري أن أبرز تحدٍ واجهه هو إنشاء المتحف في عام 2006م وهو في عمر الـ 20 عامًا إذ لم تكن لديه الخبرة ولا المساندة بالإضافة إلى عدم توفر القدرة المالية، لكنه تخطّى ذلك بحماسه وعزيمته وحوّل التحديات إلى فرص جديدة للتعلم والإبداع والدخل.

قام العبري بترميم أكثر من 50 مبنى قديمًا في بعض ولايات سلطنة عُمان، منها؛ حصون ومساجد وصباحات ومجالس وبيوت خاصة، وأبرز تلك المباني حصن قرية الأفلاج في سناو وحصن خاص في ولاية الحمراء بالإضافة إلى عدة بيوت في حارة العقر بنزوى وبيت الجبل في ولاية الحمراء وغيرها، مؤكدًا بأن مزج الحداثة مع العراقة مطلب ملح كون المشاريع التي يتم ترميمها تشغل في مجال السياحة وتستهدف السائحين، فلابد من توفير الخدمات داخل المبنى مثل الكهرباء والصرف الصحي وغيره، مع المحافظة التامة على الطابع العماني القديم في المبنى.

وجّه العبري في ختام حديثه مع “أثير” رسالة قال فيها: في النهاية لا بد لكل عمل أو مشروع أن ينجح إذا كان صاحبه يريد له النجاح، فالصعوبات حاضرة في كل مشروع ويجب البحث عن الطرق التي تجعل الإنسان يتخطاها ويواصل طريقه.

Vakanukilia mai na Echo RSS Plugin ena CodeRevolution.