مسقط – أثير

في الخامس عشر من مايو تحل الذكرى السادسة والسبعين لحصول النكبة، واحتلال الجزء الأكبر من أرض فلسطين، وتهجير شعبها إلى بقاع الأرض، بترتيب استعماري يهدف إلى تقسيم النفوذ والإبقاء على مصالح القوى الاستعمارية في المنطقة.

لم تتوقف الأطماع الاستعمارية والصهيونية عند حدود نكبة عام 48، ولكن أكملت ذلك بالاستيلاء بعد عشرين عاماً على بقية الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، لتصبح فلسطين كاملة تحت الاحتلال، وتصادر حقوق شعب بأكمله، وتهجره قسرياً في مخالفات واضحة وصريحة للقانون الدولي الإنساني ومواثيق الأمم المتحدة.

لم يكن الفلسطينيون ليقبلوا بهذا الواقع، ولم ينل الاحتلال من عزيمتهم، فهبوا بثورات وحركات تحررية لم تتوقف يوماً واحداً، من أجل نيل حريتهم وتحرير أرضهم، محققين في ضوء التضحيات الكبيرة التي قدموها، اعترافاً كاملاً بحقوقهم، بما في ذلك حقهم في تقرير المصير وإقامة دولتهم الفلسطينية المستقلة، متسلحين بالشرعية الدولية، التي انصفت نضالهم، بالاعتراف بمنظمة التحرير ممثلاً شرعياً وحيداً لهم، وناطقاً باسمهم، ومرة أخرى بالاعتراف بدولة مراقب في الأمم المتحدة عام 2012م، تمهيداً للاعتراف الكامل بالدولة الفلسطينية.

واليوم، وبعد مرور 76 عاماً على النكبة يسجل العالم بقواه المتنفذة ومؤسساته الدولية، فشلاً ذريعاً بوضع حد لتداعيات تلك النكبة، بل على العكس، يُدخل بصمته، وبعدم وجود إرادة حقيقية لديه، المنطقة والشعب الفلسطيني، بنكبة جديدة، لا تقل خطورة عن نكبة عام 1948م، من خلال حرب الإبادة المستمرة في قطاع غزة، واستمرار العدوان الاحتلالي في باقي الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس، وغياب أي أمل حقيقي للشعب الفلسطيني.

إن التدمير الممنهج لكل المؤسسات الصحية والمستشفيات والمؤسسات التعليمية من جامعات ومدارس ومؤسسات اقتصادية ومنازل المواطنين وتدمير الأحياء الكاملة من المدن في قطاع غزة، وهذا الكم الهائل من الشهداء والجرحى الذين تجاوزا عشرات الآلوف، ومئات آلاف المشردين، الذين فقدوا منازلهم، إنما يهدف إلى طمس القضية الفلسطينية، وحقوق الشعب الفلسطيني، واحياء هدف التهجير لأهلنا، تمهيداً لترتيبات جديدة ولتجاوز حقوقه المشروعة، وحقه في وطن آمن ودولة مستقلة بما فيها القدس، تحقيقاً للرؤى الدولية بهذا الخصوص، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.

لم يعد مقبولاً من العالم اليوم، وخاصة من قواه المتنفذة أن تستمر في ردة فعلها الباهتة، ونقص الإرادة، التي تستطيع من خلالها الدعوة إلى مؤتمر دولي فاعل ذا مصداقية يعيد كل الأطراف إلى عملية سلام فاعلة بدأت قبل أكثر من ثلاثين عاماً، وظلت تراوح مكانها.

حان الوقت لأن يكون هناك توجه حقيقي مبني على أسس جديدة، يتحمل فيه الجميع مسؤوليتهم التاريخية والإنسانية، واستعمال وسائل الضغط الممكنة على أصحاب القرار في العالم من أجل الوصول إلى حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، الحل الذي يبعد المنطقة عن دوامة العنف، والتوترات الإقليمية، والصراعات الدولية، لتنعم المنطقة بالسلام والازدهار.

إن الشعب الفلسطيني الذي قدم التضحيات المشهودة على مر السنين، سيتمسك وبقوة أكبر، رغم الجراح النازفة، ورغم اللامبالاة بحقوقه الانسانية والوطنية، ولن ينل من عزيمته كل ما أحيط به من احباط ومؤامرات، فهو قادر على أن يستمر بالصمود والثبات على أرض وطنه، وستبقى قيادته متمسكة بالحفاظ على حقوقه الوطنية، ساعية إلى السلام العادل الذي يعيد الحقوق طال الزمان أم قصر.

Kwadoro site na Echo RSS ngwa mgbakwunye site na Ntughari.