أثير – المستشار القانوني صلاح بن خليفة المقبالي

مع تطور تقنية المعلومات وظهور مواقع التواصل الاجتماعي بشتى أنواعها؛ ازدادت جرائم تقنية المعلومات وضجت بها أروقة المحاكم، إما لسوء الاستخدام، أو لتعمد البعض التعدي على حرمة الحياة الخاصة للفرد؛ وذلك بالتشهير بهم في مواقع التواصل الاجتماعي دون وضع حد لحرمة حياة الأفراد الخاصة.

وفي زاويتنا القانونية لهذا اليوم عبر “أثير” سنتحدث عن التشهير في مواقع التواصل الاجتماعي وموقف القانون العماني من ذلك.

ما المقصود بالحياة الخاصة للفرد؟

قبل أن نتطرق لعقوبة التشهير بالآخرين في مواقع التواصل الاجتماعي؛ وجب علينا في بادئ الأمر تعريف الحياة الخاصة للفرد قانونًا، فالمقصود بها هي حرية الإنسان في اختيار أسلوب حياته الشخصية بعيدًا عن التدخل ودون أن يكون في استطاعة الآخرين الاطلاع على أسرارها أو نشر هذه الأسرار بغير رضاه، ونطاق ذلك يمتد إلى كل ما يتعلق بحياة الشخص العائلية والمهنية والصحية والغرامية ودخله ومعتقداته الدينية والفكرية والسياسية ومراسلاته ومحادثاته وجميع المظاهر غير العلنية في الحياة العملية للفرد، فالقانون أعطى للإنسان الحق في حماية حياته الخاصة من التدخل التعسفي فيها.

ومن صور الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة للفرد التشهير به في مواقع التواصل الاجتماعي وجعله محل ازدراء أمام المجتمع، والتشهير قد يكون مساسا بالفرد في شخصه أو في معتقده أو في علمه وعمله وقد يكون خلاف مهني أو عاطفي يقوم على أثره الطرف الآخر بتصفية الحسابات أمام الملأ وفي مواقع التواصل الاجتماعي دون اللجوء إلى الجهات المختصة لاستيفاء حقه.

وقد يتساءل البعض، هل يعد الفعل مجرما إذا ما كانت المعلومات المنشورة صحيحة؟

نعم يجرم القانون ذلك؛ لأن وسائل تقنية المعلومات وجدت لتسهيل التواصل بين الناس لا لتصفية الحسابات، فإذا ما ترك الأمر على مصراعيه لرأينا الجميع يتخاصم في مواقع التواصل الاجتماعي.

ما هي عقوبة التشهير بالآخرين في مواقع التواصل الاجتماعي؟

منذ الوهلة الأولى لظهور وسائل تقنية المعلومات، كان المشرع العماني سباقا في إصدار قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات وذلك بالمرسوم السلطاني رقم 2011/12، وعن النص التجريمي لهذه الجريمة فتناولتها المادة (16) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات والتي تنص على: “يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف ريال عماني ولا تزيد على خمسة آلاف ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم الشبكة المعلوماتية أو وسائل تقنية المعلومات كالهواتف النقالة المزودة بآلة تصوير في الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة أو العائلية للأفراد وذلك بالتقاط صور أو نشر أخبار أو تسجيلات صوتية أو مرئية تتصل بها ولو كانت صحيحة أو في التعدي على الغير بالسب أو القذف”.

وقد اشترط المشرع لتحقق الجريمة المؤثمة بنص المادة (16) من القانون سالف الذكر أن تكون الوسيلة المستخدمة هي الشبكة المعلوماتية أو وسائل تقنية المعلومات كالهاتف النقال المزود بآلة تصوير .وكذلك شدد القانون على من يستخدم برامج تقنية المعلومات في التعدي على الآخرين بالسب والقذف أو نشر أخبار تمس الحياة الخاصة للفرد حتى وإن كانت صحيحة، وذلك حرصاً من المشرع على عدم الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة لكل فرد.
والمتتبع لمواد قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات يجد أن المشرع قد شدد العقوبة الحبسية والغرامة المالية لتكن هذه العقوبات رادعة لمن يتهاون في إساءة استخدام وسائل تقنية المعلومات والتعدي على حرمة الحياة الخاصة للأفراد.

ويثور هنا سؤال آخر هو: من له الحق في تحريك هذه الدعوى؟

والجواب أن الجريمة المشار إليها في المادة (16) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات تُعدّ من الدعاوى العمومية، وهي اختصاص أصيل للادعاء العام. وقد ألزم القانون كل من شهد أو علم بوقوع جريمة بإخطار الجهات المختصة، فمتى ما وصلت الجريمة إلى علم مأمور الضبط القضائي أصبح مُلزمَا بإخطار الادعاء العام الذي عليه واجب بالتحقيق في الجرائم محل الاتهام والتقرير بحفظها أو بإحالتها للمحكمة.

از: وی بلیٹن بازگشت آر ایس ایس پلگ ان بذریعہ کوڈ ریوولوشن.