أثير – ريما الشيخ

أكد الدكتور علي بن سعيد البلوشي أستاذ مشارك في الجغرافيا الطبيعية والدراسات البيئية والتصحر بجامعة السلطان قابوس بأن الفيضان الذي حدث في سمد الشأن ليس هو الأول، قائلا بأنه لا يتوقع بأن يكون الأخير، موضحًا في حوار مع “أثير” السبب الذي يجعل نيابة سمد الشأن عرضة للفيضانات؛ فإلى تفاصيل الحوار:

– دكتور، ما سبب جريان الأودية بهذه الغزارة، وهل الحالات المناخية التي حدثت مؤخرًا لها علاقة بمدى تأثير المنخفض الحالي؟
طبيعة المنخفض وكمية الأمطار الهاطلة والفترة الزمنية وشدة التركز كلها عوامل تحتم نوعية الفيضان القادم، فكلما كانت كميات الأمطار غزيرة جدا في فترة قصيرة جدا يؤدي ذلك إلى سرعة الجريان، أضف إلى ذلك طبيعة السطح في المنطقة التي تتعرض لها هذه الأمطار، فهناك بعض المناطق تتميز بقدرتها على عملية تسرب المياه بصورة كبيرة جدا وهذا يقلل من عملية جريان الأودية، وهناك أيضا عامل آخر متعلق بالانحدار ففي المناطق السهلية تعمل على أن المياه تكون منتشرة بين المناطق الجبلية عادة ما تحدد مجاري خاصة لهذه الأودية، وأيضا العامل الجيولوجي ونوعية الصخور ومجموعة من العوامل التي تحدد سرعة الجريان أو شدة الجريان في تلك المناطق، وهناك عوامل أخرى مثل العوائق التي تعيق جريان الأودية سواء كانت عوائق بشرية، وطرق، ومبانٍ أو حتى عوائق طبيعية مثل النباتات وأيضا وجود الحفر، إضافة إلى سعة المجرى المائي نفسه، فكلما كان المجرى واسعا قلل ذلك من عملية الفيضان واستوعب كميات كبيرة من المياه، بينما إذا كان المجرى ضيقا يؤدي ذلك إلى فيضان المجرى على جوانب وبالتالي تأثر جميع المناطق الموجودة على ضفاف هذه المجرى.

-كيف يُمكن أن يساعدنا فهم طبيعة الأرض على التنبؤ بمدى خطورة المنخفض الجوي أو الحالة الجوية؟
كل منطقة أو كل محافظة لها طبيعتها الخاصة، ففي سهل الباطنة عادة الفيضانات تتأثر بها المناطق المنخفضة؛ وذلك لأن معظم الأودية تتجه باتجاه البحر للدخول إليه، لكن بعض الأودية لا تستطيع الوصول إلى البحر؛ فلذلك تتكدس المياه في المناطق المنخفضة مما يؤدي إلى غرقها، أما نيابة سمد الشأن فهي عبارة عن مجرى مائي مكتظ بكثافة سكانية ومناطق زراعية تحيط بها سلاسل جبلية، وهذا النوع من السلاسل الجبلية قليل التسرب، والأودية عادة تكون قصيرة كلها تصب في مجرى واحد رئيسي، فإذا كانت شدة العاصفة قوية والأمطار مركزة والفترة قصيرة سيكون هناك ارتفاع في مستوى الوادي ولا يمكن للمجاري المائية استيعاب هذا الكم الهائل من المياه، وأيضا مجرى الوادي يكون غير قادر على استيعاب هذا المجرى، إضافة إلى مئات المجاري القصيرة التي تأتي من السلسلة الجبلية لتصب كلها في المجرى نفسه باتجاه الصحراء، وبالتالي طبيعي جدا أن تخرج المياه عن مساراتها وتؤدي إلى فيضان يجتاح بعض المناطق، وهذا ليس بالفيضان الأول في سمد الشأن، حيث سبق أن تعرضت النيابة لفيضانات عديدة من هذا النوع، ولا أتوقع بأن يكون الأخير وذلك بسبب خصائص المنطقة الطبيعية فيها.

-إذًا؛ ما الدور الذي يُمكن أن تقوم الجهات المعنية لتفادي حدوث مثل هذه الكوارث؟
العلم والدراسة الطبيعية لا يمكن لها منع الكارثة أساسًا، فلا يمكن منع الفيضان أو الزلزال، لكن بإمكاننا أن نتخذ إجراءات للتخفيف منها، والأهم هو الوعي الجماهيري بهذا الخطر، فعبور الأودية في حالة الفيضانات ليس بتلك السهولة التي يعتقدها الفرد، وهنا نذكر بأن الأعمدة الموجودة في المناطق المنخفضة الملونة باللون الأبيض والأحمر لا توضع اعتباطا وليست للزينة في الشارع، إنما هي لتحديد الخطر، فإذا بلغ الماء مستوى معينا يجب عدم العبور فيه، لماذا؟ لأن المواطن العادي يرى سطح الماء لكنه لا يرى ما تحت الماء، فيجب عدم المخاطرة بعبور الأودية مهما كان؛ ولهذا نحرص بصورة كبيرة جدا على زيادة الوعي الجماهيري لدى السكان بخطورة الفيضانات، والأمطار في سلطنة عمان هي استثناء والجفاف هو السائد، ونسبة الأيام الماطرة لا تتعدى ١٠ إلى ١٢ يوما، ولذلك فإن هذه الحالات تحدث بصورة مفاجئة وفترتها قصيرة جدا وتحتاج إلى مراقبة دائمة. أما بخصوص الإجراءات، فطبعا أعول على التوعية الجماهيرية مثلما أسلفت سابقا، بعد ذلك تأتي بقية الإجراءات وهي عملية التنسيق بين الدوائر المعنية لتحذير السكان من الخطر في الفيضان، وهذا يأتي من ناحية المراقبة الجوية للحالات المطيرة سواء كانت مدارية أم منخفضات، مثل المراقبة الدقيقة وإعطاء المعلومات بشفافية عالية وتقدير كميات الهطول، وكذلك عمل اجتماعات دورية تستطيع أن تنبئ الجمهور بالخطر القادم، إضافة إلى إجراءات متعلقة بالتخطيط والابتعاد عن مجاري الأودية لإخلاء السكان إذا كان هناك ضرورة لعمليات الإخلاء، وأيضًا بعض الإجراءات المتعلقة بتشديد العقوبات والقوانين المتعلقة باختراق عبور الأودية وما شابه ذلك.

-وما هو دور المختصين في مجال التكنولوجيا للمساعدة في اتخاذ القرارات المناسبة؟
الجيومورفولوجيا فرع من فروع الجغرافيا الطبيعية يوضح الدراسات المتعلقة بسطح الأرض والأشكال التي تحتويها، وفي مثل هذه الحالات، يجب على الجيومورفولوجيا أن يقوم بدراسات تفصيلية في الأحواض المائية وتقدير الشبكات المائية وأيضا تكرار العواصف المطرية واتساع الحوض والفيضانات التي تحدث في هذا الحوض المائي، فهناك دراسات عديدة يستطيع أن يتحدث عنها الجيومورفولوجيا وتحديد مكان الخطر وتحديد نوعية التربة ونوعية الصخور، وتقدير كمية الفيضانات التي يمكن أن تحدث وتكرارها.

*صورة الموضوع من تصوير : ماجد الفرعي

Ixhaswe yi Iplagi ye-Echo RSS by Uhlaziyo lweKhowudi.